الاختلاط .. ربما يمثل حاليًا موضوعًا مؤرقًا
لدى كثيرين ، وبالتأكيد لا يحق لي أن أتحدث عن الموضوع كرجل دين أو مشرّع فلست
أيًا منهما ، تذكرت وأنا أريد الكتابة عن الموضوع قصة ذكرها أحد الأقارب حيث يذكر
لنا أن أحد زملائه بجامعة خليجية تأخر في خطته الدراسية عن أقرانه واضطر أن يسجل
مادة لم يسجلها غيره من الذكور، في تلك الجامعة التي تفصل فصول الطلاب عن الطالبات
، وبالطبع لم تتح له الجامعة فرصة الدراسة في فصل الطالبات ، وإنما هُيء له فصل
دراسي يُنقل له بالفيديو شرح الدكتور للمحاضرة من فصل الطالبات مباشرة ، ويعلق
أحدهم لم لا تحذو جامعتنا حذو هذه الجامعات في الاختلاط إن أرادت أن تكون الجامعة
مشتركة مراعاة للتكاليف الاقتصادية.
نبدأ بتناول القضية من المحور الأول ، والذين
يقولون أن الاختلاط أو دونه هو واقع لا نستطيع تغييره من جامعاتنا ، وليس بيدنا
إلا حلين أولهما أن نمنع بناتنا وأخواتنا من مزاولة الدراسة في الجامعات المختلطة
وعلى رأسها جامعة السلطان قابوس، والحل الآخر هو الرضى بحال تعليم العالي كما هو ،
ويرى البعض أن منع المرأة من مواصلة تعليمها ربما هو وقوف في طريق مستقبلها ، حيث
أن هذا التصرف هو محاولة للقيام بتجهيل ضمني أو حصر لعقلية تفكير النساء في
المجتمع وعلى مدى ضيق ، يقول لي أحدهم أن مشاهداته – ولا أدري عن تفاصيل هذه
المشاهدات- تجعله لا يمانع إطلاقًا في منع أخواته وبناته من دراسة التعليم العالي
، فهو يرى أن المرأة ترغب في الدراسة لأحد
سببين الأول غيرتها من قريناتها اللاتي تراهن يكملن تعليمهن ، والسبب الآخر هو أن
دراسة المرأة ومن بعد ذلك التحاقها بالعمل هو ورقة ضغط على الرجل في المستقبل وذلك
حين تتوفر لديها قدرة مالية تجعلها قادرة على التمرد على كثير من أوامره.
وعلى
كل هؤلاء الذين يمتلكون هذه الفكرة وليس لديهم مشكلة أن يفصحوا عنها في وسائل
التواصل الاجتماعي يواجهون أحيانًا أسئلة معلقة من طالبات في خضم الدراسة الجامعية:
·
هل ما يحدث هو اختلاط فعلًا؟ خصوصًا أن جامعة
السلطان قابوس على سبيل المثال لها من الإجراءات الشيء الكثير الذي قد يقلص اتساع
النظرة السوداوية في أعين كثيرين ، لاسيما تلك المتعلقة في إجراءات الدخول والخروج
من الجامعة ، فضلًا عن متابعة الأمن المستمرة لكثير مما يحدث ، وطبعًا لا يوجد
احتواء متكامل لكنه يفي بالغرض.
·
هل نحن مطالبون بتبرير دراستنا في الجامعة؟ ، الملفت أن هذا
السؤال يطرحنه بعض الطالبات لقريناتهن اللاتي يجبن المجتمع أن المرأة شاركت مع
الجيوش كمقاتلة وممرضة في طفولة الدولة الإسلامية وبين نبيها ، فلم هذا الهجوم على
دراسة الطالبات في الجامعة وهن في محفل دراسة لا يقل شأنا عن المهام التي كانت تمارسها
المرأة المسلمة قديمًا وذلك وفق الضوابط الشرعية بالتأكيد.
·
هل المشكلة في الاختلاط أصلًا؟ ، وجهة نظر أخرى
ترى أن الاختلاط ليس هو المشكلة الفعلية أصلًا وفق النسق الملتزم الذي يسير عليه
حاليًا ، وإنما أن الخروقات المشاهدة والتي تعمم في مؤسسات التعليم العالي على
الجميع هي تراكمات للتساهل التربوي لدى الأسرة بالدرجة الأولى ، فضلًا عن العوامل
الأخرى المتعلقة بالعصر والتي تفرض على كل شخص أسرًا وهمية في العالم الإلكتروني
شاء أم أبى.
يخبرني كثيرون أن المشكل كل المشكل في
الاختلاط هو صرعات اللباس التي تظهر كل مرة ، ويعلق أحدهم ساخرًا "حتى
العباءة صارت بحاجة لعباءة أخرى" ، وعلى كل هذه المشاهدات الفردية ربما لا
ينبغي أن تعمم على الوضع العام ، بجانب أن المرأة في دور التعليم العالي صارت أقل
صبرًا حين يُتناول هذا الموضوع في وجهها بهذا
الاستخفاف ، فهي ترى أن التعليم العالي موجود على هذه الوضعية هو الموجود ، وحنق
المجتمع غير مبرر إطلاقًا خصوصًا أن الاختلاط في مؤسسات التعليم العالي كجامعة
السلطان قابوس يعتبر مقبولًا جدًا، هذا إن اصطلح على تسميته اختلاط أصلًا ، ولا
توجد صفقة للاختيار بين التعليم واللاتعليم (اتقاء للاختلاط) ، إنما الخيار هو في
كلا الحالتين هو مضي مع الاختلاط بشكله الحالي والاختيار بين أن يشرف الشخص أهله
بأخلاقه أو العكس.
على فكرة ما كتبته لا أريد أ أكون به ضد أو
مع أحد ، أنا طالب في فصلي الأخير بجامعة السلطان قابوس ، ولا يعني لي كثيرًا بعض
التعليقات الغير مبررة ، كل ما كتبته هو خلاصة ما سمعت ورأيت .. ودمتم بخير :)