السبت، 25 يناير 2014

قصص حب أندلسية

مذكرة 69 ـــــــــــــــــ 16 آب 2012م 
(قصص حب أندلسية)
،،،،،
قبل أن أكتب هذه السطور ثبطني أحد الزملاء بحجة أنه من المواضيع التي
 
لا يليق الكتابة فيها ، ورغم ذلك لا أجد حرجًا من مغبة الخوض في الكتابة
عن تجربة
الحب الأندلسية ، فهي تجربة ناضجة من الناحية الدرامية والأدبية ، وسأشرع
في هذه المذكرة في سرد ثلاث تجارب حب أندلسية بل وأشهرها
إنها تكشف لنا أن الحب ربما يكون سير على حرف
زجاج حاد ، سهوك حين المشي عليه قد يكلفك جرحا عميقا ،

***
 

ولنبدأها بقصة ولادة بنت المستكفي والتي كانت شاعرة وابنة خليفة أموي هو
 
المستكفي بالله ، وقد كانت تقيم مجالس شعر وأدب ، وكانت ولادة بارعة الجمال
ورغم ما ذكر من عفافها وحشمتها فقد تجرأت مرة أن تحضر مجلسها بثوب
كتب عليه بيتين من شعرها
أنا والله أصلح للمعالي = وأمشي مشيتي وأتيه تيهًا
وأمكن عاشقي من صحن خدي = وأعطي قبلتي من يشتهيها
وقد عرفت بعلاقتها بنديميها ابن عبدوس وابن زيدون ، وقد كانت تميل للأخير أول الأمر
حتى قام ابن زيدون بعملين من المرجح أن أحدهما ادى لفتور العلاقة بينهما
والأول أن أرسل إلى ابن عبدوس رسالة تهكمية على لسان ولادة وكانت مليئة
 
بالشتائم والاستصغار لابن عبدوس ، وهو ما أثار حفيظة ولادة
والثاني أنه
وفي مجلس لولادة مال ابن زيدون إلى جارية سمراء كانت تغني
فرأت منه ولادة ذلك فأرسلت إليه ممتعضة :
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا = لم تهو جاريتي ولم تتخير
ولقد علمت بأنني بدر السما = لكن دهيت لشقوتي بالمشتري
ويبدو أن العلاقة فترت بينهما لهذا السبب،
 
وتوفي ابن زيدون قبل ولادة بإحدى وعشرين سنة
وماتت ولادة من بعده وهي لم تتزوج

***
 

أما القصة الثانية فهي أن المعتمد ولي عهد إشبيلية قد خرج مرة إلى النهر
 
بصحبة وزيره ابن عمار .. فلما رأى النهر أنشد المعتمد
"صنع الريح من الماء زرد"
وطلب من ابن عمار تتمة بيت الشعر ، لكن ابن عمار لم تكن قريحته حاضرة فسمع
تتمته من جارية تدعى اعتماد كانت تغسل أثوابا عند النهر
"أي درع لقتال لو جمد"
وقد أعتقها المعتمد من مولاها الرميك بن حجاج ، وحين أراد اختيار لقب لنفسه اختار لقب المعتمد
لاشتقاقه من اسمها وقد قال في ذلك
 "دسست اسمك الحلو في طيه = وألفت فيك حروف اعتماد"
وقد كانت تشاطر زوجها نظم الشعر ، ومن أروع قصص انصياع المعتمد لزوجته
يوم الطين ، حيث رأت (اعتماد) باعة اللبن وهم يمشون على الطين خارج القصر ، فاشتهت
أن تسير على الطين مثلهم ، فصنع لها المعتمد في القصر طينا من المسك والعنبر والطيب
 
لتمشي عليه ، ويذكر أنها قد أشارت على المعتمد قتل ابن عمار بعد أن هجاها في قوله
(تخيرها من بنات الهجان=رميكية لا تساوي عقالا)
ويقال أن أهل الأندلس كتبوا إلى ابن تاشفين يقللون من شأن المعتمد لما أثرت عليه زوجته في سياساته ودينه
وقد انتهى الأمر بالعشيقان في المنفى بأغمات ، وفيها مات المعتمد بعد زوجه اعتماد
بأيام بعد أن بلغ به الحزن لفراقها مبلغه ..

***
 

والقصة الأخيرة هي لمحمد بن أبي عامر الذي يذكر أنه قد كانت له علائق غرامية
 
بصبح البشكنجية جارية الحكم المستنصر ، والتي كان ابن أبي عامر يعرفها لكونها
تربت عند صهره ، وقد تعاطفت صبح مع محمد منذ دخوله القصر فأسهمت
في إشراكه في خطط الدولة ، ويذكر أن محمدًا أهداها مرة نموذجًا لقصر من الفضة الخالصة ،
كما أنه قتل جارية له لأنها غنت شعر غزل في (صبح) ، وقد زادت علائق الحب بينهما
بعد وفاة زوجها الحكم ، فقد لعب ابن أبي عامر دور مسير شؤون الدولة لابنها الصغير
الخليفة هشام المؤيد ، حتى بلغ بالعامة أن يتهموا ابن أبي عامر في أم الخليفة
فقالوا :
اقترب الوعد وحان الهلاك= وكل ما تخشاه قد أتاك

خليفة يلعب في مكتب =وأمه حبلى وقاض ...
وعلى كل فقد بقي الحب بينهما حبًا عذريًا ، ربما اضطر (صبح) إلى الإفراط
في إعطاء الصلاحيات لابن أبي عامر على حساب ابنها الخليفة ولربما
هذا ما أحست به حين استفاقت من سكرة حبها المجنون فيمن شغفها حبًا ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق