الجمعة، 2 مايو 2014

الدكتور في تويتر



كنا نسمع في حكايات أدبنا العربي عن "العسس" وهم الذين يعملون لدى الخليفة كاستخبارات ويخالطون الناس ، حتى يستروح لهم الناس فيفضون لهم بشكواهم عن النظام المهيمن ، والشكوى للعسس تنتهي بالسجن أو القبر ، نظام العسس تطور في عصرنا بما يتناسب مع روحه ، أستطيع أن أشخص المفهوم وفق عالمي الذي أنتمي إليه وهو الجامعة ، دائمًا كانت تصلني معلومات من تحت الطاولة عن طلاب يفشون أسرار زملائهم أمام الدكاترة المحاضرين ، يتطور الوضع لأن يتجه بعض الطلاب لفتح صفحات الفيسبوك وتويتر والمدونات أما أعين الدكاترة ، ليظفر ذلك الواشي بحظوة عند الدكتور وبالتالي المعدل الذي يرغب به ، كما يطفئ بعض الدكاترة نار فضولهم البغيض في معرفة ما هي وجهات نظر طلابهم تجاههم.

أنا أؤمن أن نجاح أي عملية ينبني على الحوار المتبادل بين طرفي القضية ، لكن المشكل في كثير من المحاضرين أنهم لا يتقبلون وجهات نظر طلابهم ، مما يجعل الطلاب ينسون البحث عن حل للمشكلة ويتجهون لتدوين مشاكلهم في وسائل التواصل الاجتماعي لمجرد الفضفضة وحسب ، والعائق هنا أمام فضفضتهم أن هناك طلابًا كما ذكرت يعتبرون زبانية لهؤلاء المحاضرين ، فينقلون تقارير دورية عن زملائهم دون شعور بالحرج تجاه خيانتهم اللامسؤولة.

سمعت عن دكتور لا أذكر من أي دولة انتقده أحد طلابه في تويتر ، وفي محاضرة اليوم التالي جعل الدكتور تلك التغريدة خلفية لسطح مكتب جهاز العرض في الصف الدراسي دون أن يتحدث ، أسلوب الحرب الباردة هذا أحترمه كثيرًا ، فأجد أن الدكاترة الذي يؤنبون طلابهم على تغريدات ومنشورات أمر أكثر سخفًا ، خصوصًا أن بعض الدكاترة لا يتابعون طلابهم لكنهم وضعوهم في قائمة سرية ليطلعوا على جديدهم ، ولست أدري لماذا؟ ، يقول لي أحد الزملاء : إن حدث واستدعاني دكتور ليناقشني في تغريدة سأرفض إكمال الحديث بحجة أن الحديث لا يخصه ، وربما أركن لوجهة نظر زميلي فهو محق فيما يقول ، فرغم وجود كثير من المحاضرين في تويتر إلا أنهم لا يردون على طلابهم بينما يؤنبونهم في الحصص الدراسية وخلف أبواب المكاتب ، والأحرى بهم أن يتركوا ما لتويتر لتويتر ، وهنا أستغل الفرصة لأشيد بدكاترة أخذوا أريحية في التعامل مع طلابهم في تويتر حتى أنهم يناقشون طلابهم فيما يصعب عليهم في حياتهم الدراسية ، فهم ينزلون عن التكلف و (يمنشنون) بلغتهم السهلة الجميلة.



ختامًا .. أساتذتي الكرام : ألجموا كتابات طلابكم عنكم بحسن تعاملكم معهم ، وفي النهاية الكتابة حق مشروع للجميع فلا تسلبوا الكاتب حقه ..

الخميس، 27 مارس 2014

نظرة للاختلاط في #جسق ومؤسسات التعليم العالي


الاختلاط .. ربما يمثل حاليًا موضوعًا مؤرقًا لدى كثيرين ، وبالتأكيد لا يحق لي أن أتحدث عن الموضوع كرجل دين أو مشرّع فلست أيًا منهما ، تذكرت وأنا أريد الكتابة عن الموضوع قصة ذكرها أحد الأقارب حيث يذكر لنا أن أحد زملائه بجامعة خليجية تأخر في خطته الدراسية عن أقرانه واضطر أن يسجل مادة لم يسجلها غيره من الذكور، في تلك الجامعة التي تفصل فصول الطلاب عن الطالبات ، وبالطبع لم تتح له الجامعة فرصة الدراسة في فصل الطالبات ، وإنما هُيء له فصل دراسي يُنقل له بالفيديو شرح الدكتور للمحاضرة من فصل الطالبات مباشرة ، ويعلق أحدهم لم لا تحذو جامعتنا حذو هذه الجامعات في الاختلاط إن أرادت أن تكون الجامعة مشتركة مراعاة للتكاليف الاقتصادية.

نبدأ بتناول القضية من المحور الأول ، والذين يقولون أن الاختلاط أو دونه هو واقع لا نستطيع تغييره من جامعاتنا ، وليس بيدنا إلا حلين أولهما أن نمنع بناتنا وأخواتنا من مزاولة الدراسة في الجامعات المختلطة وعلى رأسها جامعة السلطان قابوس، والحل الآخر هو الرضى بحال تعليم العالي كما هو ، ويرى البعض أن منع المرأة من مواصلة تعليمها ربما هو وقوف في طريق مستقبلها ، حيث أن هذا التصرف هو محاولة للقيام بتجهيل ضمني أو حصر لعقلية تفكير النساء في المجتمع وعلى مدى ضيق ، يقول لي أحدهم أن مشاهداته – ولا أدري عن تفاصيل هذه المشاهدات- تجعله لا يمانع إطلاقًا في منع أخواته وبناته من دراسة التعليم العالي ،  فهو يرى أن المرأة ترغب في الدراسة لأحد سببين الأول غيرتها من قريناتها اللاتي تراهن يكملن تعليمهن ، والسبب الآخر هو أن دراسة المرأة ومن بعد ذلك التحاقها بالعمل هو ورقة ضغط على الرجل في المستقبل وذلك حين تتوفر لديها قدرة مالية تجعلها قادرة على التمرد على كثير من أوامره.

 وعلى كل هؤلاء الذين يمتلكون هذه الفكرة وليس لديهم مشكلة أن يفصحوا عنها في وسائل التواصل الاجتماعي يواجهون أحيانًا أسئلة معلقة من طالبات في خضم الدراسة الجامعية:

·         هل ما يحدث هو اختلاط فعلًا؟ خصوصًا أن جامعة السلطان قابوس على سبيل المثال لها من الإجراءات الشيء الكثير الذي قد يقلص اتساع النظرة السوداوية في أعين كثيرين ، لاسيما تلك المتعلقة في إجراءات الدخول والخروج من الجامعة ، فضلًا عن متابعة الأمن المستمرة لكثير مما يحدث ، وطبعًا لا يوجد احتواء متكامل لكنه يفي بالغرض.

·         هل نحن مطالبون بتبرير دراستنا في الجامعة؟ ، الملفت أن هذا السؤال يطرحنه بعض الطالبات لقريناتهن اللاتي يجبن المجتمع أن المرأة شاركت مع الجيوش كمقاتلة وممرضة في طفولة الدولة الإسلامية وبين نبيها ، فلم هذا الهجوم على دراسة الطالبات في الجامعة وهن في محفل دراسة لا يقل شأنا عن المهام التي كانت تمارسها المرأة المسلمة قديمًا وذلك وفق الضوابط الشرعية بالتأكيد.

·         هل المشكلة في الاختلاط أصلًا؟ ، وجهة نظر أخرى ترى أن الاختلاط ليس هو المشكلة الفعلية أصلًا وفق النسق الملتزم الذي يسير عليه حاليًا ، وإنما أن الخروقات المشاهدة والتي تعمم في مؤسسات التعليم العالي على الجميع هي تراكمات للتساهل التربوي لدى الأسرة بالدرجة الأولى ، فضلًا عن العوامل الأخرى المتعلقة بالعصر والتي تفرض على كل شخص أسرًا وهمية في العالم الإلكتروني شاء أم أبى.

يخبرني كثيرون أن المشكل كل المشكل في الاختلاط هو صرعات اللباس التي تظهر كل مرة ، ويعلق أحدهم ساخرًا "حتى العباءة صارت بحاجة لعباءة أخرى" ، وعلى كل هذه المشاهدات الفردية ربما لا ينبغي أن تعمم على الوضع العام ، بجانب أن المرأة في دور التعليم العالي صارت أقل صبرًا حين يُتناول هذا الموضوع  في وجهها بهذا الاستخفاف ، فهي ترى أن التعليم العالي موجود على هذه الوضعية هو الموجود ، وحنق المجتمع غير مبرر إطلاقًا خصوصًا أن الاختلاط في مؤسسات التعليم العالي كجامعة السلطان قابوس يعتبر مقبولًا جدًا، هذا إن اصطلح على تسميته اختلاط أصلًا ، ولا توجد صفقة للاختيار بين التعليم واللاتعليم (اتقاء للاختلاط) ، إنما الخيار هو في كلا الحالتين هو مضي مع الاختلاط بشكله الحالي والاختيار بين أن يشرف الشخص أهله بأخلاقه أو العكس.

 

على فكرة ما كتبته لا أريد أ أكون به ضد أو مع أحد ، أنا طالب في فصلي الأخير بجامعة السلطان قابوس ، ولا يعني لي كثيرًا بعض التعليقات الغير مبررة ، كل ما كتبته هو خلاصة ما سمعت ورأيت .. ودمتم بخير :)

الجمعة، 21 مارس 2014

يوم الأم .. نظرة شخصية



عندما أسمع عبارة (يوم الأم) تتبادر لذهني لمعات عابرة ، أتذكر حين كنت أساهم بـ 100 أو 200 بيسة مع إخوتي لشراء هدية لأمي في مثل هذا اليوم قبل سنين ، أيضًا أتذكر القيصر الذي سمى عملية ولادته بالجراحة التي قضت فيها أمه بـ (القيصرية) ، والتي يشيع تطبيقها حاليًا ، وأتذكر قصاصة قرأتها في طفولتي في زاوية "بأقلام الأصدقاء" في مجلة ماجد عن الرئيس الأمريكي ويلسون في 1914م حين اعتمد ولأول مرة يومًا للأم في الولايات المتحدة وهو الأحد الثاني من مايو ، وذلك تتويجًا لطلبات السيدة "جارفيس" المستمرة ، والتي أرادت بأن يكون هذا اليوم تحقيقًا لأمنية والدتها المتوفية.
اليوم هو 21 من مارس وهو فرصة لأن أبدي وجهة نظر شخصية على أسئلة مللنا من سماعها ..

1. نحن ما عندنا إلا عيدين ، وعيد الأم هذا ما يصح
دائمًا أقول أن عندنا أزمة مصطلحات ، كثيرون ممن طرحوا هذا السؤال ، اقتنعوا بتسمية يوم الأم ، وكل اعتراضهم على كلمة عيد ، وربما يتجاهلون تسميتهم الاعتباطية للعيد الوطني ، والتسمية المتعارف عليها ليوم الجمعة أنه عيد المسلمين ، وهذا جانب عميق من التناقض ، وربما القضية بأسرها مشكلة تعريب لهذه المناسبات ، ولا يعني عندي كثيرًا استخدام أي من المصطلحين فبالإنجليزية هو يوم الأم ، حتى الكريسماس ، اسمه يوم الكريسماس ، كلمة عيد تخصنا نحن كعرب وفقط ، لذلك يستفز منها البعض.


2. أصلا من هم عشان يختاروا أيام نحتفل بيها؟
والله لو تعرفوا أن يوم 21 مارس لم يأتنا من عند يهود ولا نصارى ، هذا اليوم الذي هو اليوم الأول من فصل الربيع ، لا يحتفل به كيوم للأم سوى 19 دولة عربية ، حيث تستثنى منه الجزائر والمغرب وتونس ، وهذه الدول الأخيرة وبقية دول العالم لها أيام مختلفة للاحتفاء بيوم الأم ، كشهر مايو كما أسلفت بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى كل لابد أن لا ننعزل نحن كعرب دائمًا عن عالمية الأيام كرهًا للغرب والسنة الميلادية ، الموجة الثقافية العالمية وهيت لنا فرصة أن نعيش في قرية صغيرة نتشارك ذات الهموم ، لنا أيام مشتركة نتذكر فيها الشجرة ، ونقف مع مرضى السكري والتوحد ، ونشيد بجهود جهات في أيام الشرطة وغيرهم من العاملين لأجلنا ..

3. هل الأم محتاجة يوم .. ليش ما نحتفل بها طوال السنة؟
أصحاب ها السؤال لو سمحتوا
ليش تحتفوا بالوطن في يوم واحد معروف
لماذا تتذاكرون سيرة النبي محمد في أيام محددة من السنة الهجرية كالإسراء والمعراج يوم مولده
لماذا تتذكرون مناسبات معينة في أيام محددة
هذا اليوم وغيره هو مجرد احتفاء بالشخص ، ولطالما أنه لا يمس صُراح دين ، فلماذا كل هذا التشنج من هذا اليوم



ختامًا ..
إذا كنت تجد أن هذا اليوم مهم بالنسبة لك احتفل به
وإن كان غير ذلك فالأمر لا يستحق دروسًا دينية لتُجهل بها من يحتفي به
ومن النهاية
من حق كل شخص أن يحتفل بيوم ميلاده أو زواجه أو  ..
وللذين يردون علينا دائمًا أن هذا تقليد للغرب
أقنعوني بهذا بعد أن تتخلوا عن ملابسكم وسياراتكم وتقنياتكم الغربية
فأنا اختار اليوم الذي يحق لي أن أكون فيه سعيدًا ..

الأربعاء، 5 مارس 2014

المعرفة قوة


تعد المعرفة من أبرز التعاليم التي دعت إليها الشرائع السماوية عبر العصور، كيف لا؟ .. وهي الأداة التي تساعد المرء على التفرقة بين الخير والشر كما يراها الفيلسوف اليوناني أفلاطون ، وذلك مطلب يكفل للمرء التعايش الاجتماعي الأرقى في حياته الدنيوية والفوز برضا ربه في الحياة الآخرة ، ربما أجد أن المعرفة تكسب المرء قدرًا كبيرًا من الفرص والخيارات لتخطي الإشكالات المختلفة التي قد يتعرض لها ، ولعل ذلك يشبه إلى حد كبير قدرة طائر يدعى الطنّان على أن يتميز على باقي الطيور في أنه يستطيع الطيران على وضعيات مختلفة للأعلى تارة وللأمام تارة وعلى الجانبين تارة أخرى ، ومنه فالمعرفة وضعيات مختلفة من التفكير تكفل لنا صهر جميع الخيارات المتاحة في مصب واحد هو بوتقة الخيارات السليمة.
يذكر أن الملك إدوارد السابع كان يزن ضيوفه ليعلم إن كانوا قد أكلوا بشكل جيّد أم لا ، الأمر ذاته ينبغي أن نطبقه على حصيلتنا المعرفية ، يجب أن نضع لأنفسنا فترة زمنية لنحصي بعدها الكم المعرفي الذي أضفناه إلى معرفتنا السابقة ، وحقيقة الأمر أن التراكم المعرفي ليس غاية بحد ذاته بل هو وسيلة ناجعة لإصلاح الواقع الحياتي الذي نعيشه، فيلزمنا أن لا نجعل المعرفة رهينة إطار نظري جاف ، فنحن لا شك في أمس الحاجة لتحريرها إلى أمر محسوس ومفيد للنسق الحضاري الذي نعيش ضمنه ، يقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ)، فالتطبيق الناجح سيكون بالضرورة انعكاسًا لرصيد معرفي جيّد يقود من بعدها إلى قفزات نوعية على مختلف الأصعدة.
يبقى أن المعرفة سلاح يمكّن صاحبه من إفادة نفسه ومساعدة غيره أيضًا ، ومن المثير للشفقة أنه في عام 1941م ألقت سفينة أمريكية رسالة في عرض البحر داخل زجاجة ، ظلت تلك الزجاجة تعوم في البحر حتى وقعت بين يدي رجل بدائي على شاطئ دفعتها الظروف إليه ، لم يستطع ذلك الرجل فهم مضمون الرسالة رغم أنها كتبت بثمان لغات ، وكانت حظوظ معرفة محتوى الرسالة أكبر فيما لو وقعت بين يدي أي متعلم يعطيه ، والمعرفة لا شك أنها تؤمن لصاحبها كيانًا واضحًا يجعله يضيف لركب التقدم البشري وعلى أقل تقدير فهيتجنبهمغبّة كونه عالة على مجتمعه على كل حال، والقرارات الناجحة بالضرورة لا يمكننا أن نتخذها إن لم تنبني على أساس معرفي جيد ، وإن كانت بعض القرارات المفتقدة للمعرفة قد أفاد منها بعض الذين استهدفوا بها ، كما هو الحال عند من حكم عليهم بالإعدام في عهد الملك جوستاف الثالث ، فقد فرض على المراد إعدامهم شرب كميات كبيرة من القهوة .. فقط لأنه كان يعتقد أن القهوة مادة سامة !! .



17/1/2013 م
09:27 م

السبت، 25 يناير 2014

قصص حب أندلسية

مذكرة 69 ـــــــــــــــــ 16 آب 2012م 
(قصص حب أندلسية)
،،،،،
قبل أن أكتب هذه السطور ثبطني أحد الزملاء بحجة أنه من المواضيع التي
 
لا يليق الكتابة فيها ، ورغم ذلك لا أجد حرجًا من مغبة الخوض في الكتابة
عن تجربة
الحب الأندلسية ، فهي تجربة ناضجة من الناحية الدرامية والأدبية ، وسأشرع
في هذه المذكرة في سرد ثلاث تجارب حب أندلسية بل وأشهرها
إنها تكشف لنا أن الحب ربما يكون سير على حرف
زجاج حاد ، سهوك حين المشي عليه قد يكلفك جرحا عميقا ،

***
 

ولنبدأها بقصة ولادة بنت المستكفي والتي كانت شاعرة وابنة خليفة أموي هو
 
المستكفي بالله ، وقد كانت تقيم مجالس شعر وأدب ، وكانت ولادة بارعة الجمال
ورغم ما ذكر من عفافها وحشمتها فقد تجرأت مرة أن تحضر مجلسها بثوب
كتب عليه بيتين من شعرها
أنا والله أصلح للمعالي = وأمشي مشيتي وأتيه تيهًا
وأمكن عاشقي من صحن خدي = وأعطي قبلتي من يشتهيها
وقد عرفت بعلاقتها بنديميها ابن عبدوس وابن زيدون ، وقد كانت تميل للأخير أول الأمر
حتى قام ابن زيدون بعملين من المرجح أن أحدهما ادى لفتور العلاقة بينهما
والأول أن أرسل إلى ابن عبدوس رسالة تهكمية على لسان ولادة وكانت مليئة
 
بالشتائم والاستصغار لابن عبدوس ، وهو ما أثار حفيظة ولادة
والثاني أنه
وفي مجلس لولادة مال ابن زيدون إلى جارية سمراء كانت تغني
فرأت منه ولادة ذلك فأرسلت إليه ممتعضة :
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا = لم تهو جاريتي ولم تتخير
ولقد علمت بأنني بدر السما = لكن دهيت لشقوتي بالمشتري
ويبدو أن العلاقة فترت بينهما لهذا السبب،
 
وتوفي ابن زيدون قبل ولادة بإحدى وعشرين سنة
وماتت ولادة من بعده وهي لم تتزوج

***
 

أما القصة الثانية فهي أن المعتمد ولي عهد إشبيلية قد خرج مرة إلى النهر
 
بصحبة وزيره ابن عمار .. فلما رأى النهر أنشد المعتمد
"صنع الريح من الماء زرد"
وطلب من ابن عمار تتمة بيت الشعر ، لكن ابن عمار لم تكن قريحته حاضرة فسمع
تتمته من جارية تدعى اعتماد كانت تغسل أثوابا عند النهر
"أي درع لقتال لو جمد"
وقد أعتقها المعتمد من مولاها الرميك بن حجاج ، وحين أراد اختيار لقب لنفسه اختار لقب المعتمد
لاشتقاقه من اسمها وقد قال في ذلك
 "دسست اسمك الحلو في طيه = وألفت فيك حروف اعتماد"
وقد كانت تشاطر زوجها نظم الشعر ، ومن أروع قصص انصياع المعتمد لزوجته
يوم الطين ، حيث رأت (اعتماد) باعة اللبن وهم يمشون على الطين خارج القصر ، فاشتهت
أن تسير على الطين مثلهم ، فصنع لها المعتمد في القصر طينا من المسك والعنبر والطيب
 
لتمشي عليه ، ويذكر أنها قد أشارت على المعتمد قتل ابن عمار بعد أن هجاها في قوله
(تخيرها من بنات الهجان=رميكية لا تساوي عقالا)
ويقال أن أهل الأندلس كتبوا إلى ابن تاشفين يقللون من شأن المعتمد لما أثرت عليه زوجته في سياساته ودينه
وقد انتهى الأمر بالعشيقان في المنفى بأغمات ، وفيها مات المعتمد بعد زوجه اعتماد
بأيام بعد أن بلغ به الحزن لفراقها مبلغه ..

***
 

والقصة الأخيرة هي لمحمد بن أبي عامر الذي يذكر أنه قد كانت له علائق غرامية
 
بصبح البشكنجية جارية الحكم المستنصر ، والتي كان ابن أبي عامر يعرفها لكونها
تربت عند صهره ، وقد تعاطفت صبح مع محمد منذ دخوله القصر فأسهمت
في إشراكه في خطط الدولة ، ويذكر أن محمدًا أهداها مرة نموذجًا لقصر من الفضة الخالصة ،
كما أنه قتل جارية له لأنها غنت شعر غزل في (صبح) ، وقد زادت علائق الحب بينهما
بعد وفاة زوجها الحكم ، فقد لعب ابن أبي عامر دور مسير شؤون الدولة لابنها الصغير
الخليفة هشام المؤيد ، حتى بلغ بالعامة أن يتهموا ابن أبي عامر في أم الخليفة
فقالوا :
اقترب الوعد وحان الهلاك= وكل ما تخشاه قد أتاك

خليفة يلعب في مكتب =وأمه حبلى وقاض ...
وعلى كل فقد بقي الحب بينهما حبًا عذريًا ، ربما اضطر (صبح) إلى الإفراط
في إعطاء الصلاحيات لابن أبي عامر على حساب ابنها الخليفة ولربما
هذا ما أحست به حين استفاقت من سكرة حبها المجنون فيمن شغفها حبًا ...

الأربعاء، 15 يناير 2014

قصة قصيرة جدًا : عصا القدر الغليظة

ولدت في عائلة فقيرة جدًا
فضّل أبي أن يهرب من الحياة بطلقة بندقية،
 وتركني وأمي المريضة نجف تحت شمس الفقر،
 كنت أعمل في فترة ما بعد المدرسة لأحصد مالًا بسيطًا يعيننا على ضنك العيش،
 أخفيت ذلك عن أمي وأردت مفاجأتها بما جمعت ،
 ويا لألمي حين فاجأتني هي بموتها قبل أن أخبرها
لم تعد الجنيهات التي جمعتها تعني لي الكثير،
تخيلوا أنني أنفقت منها يومًا لأشتري بنزينًا أشربه ليلحقني بأبي وأمي،
 لكنني لم أمت بسببه ربما لأن ذلك البنزين كان مغشوشًا من بائع انتحر أخلاقيًا ولم يساعدني لأنتحر بغشه
حاولت يومًا أن أنتحر بمروحة المدرسة،
ويبدو أن المروحة كانت ذات حظوة عند الموت أكثر مني،
حين نجوت وألزمتني المدرسة دفع قيمتها بما تبقى لدي من جنيهات
أرسل لي القدر بعدها قريبًا لأبي لم أكن أعرفه وهو ميسور الحال،
وأكتب سطوري هذه الآن من بيته الفخم، يحدث أن نحفر في قعر هاوية ليتفجر لنا منها فجأة ماء يقذفنا للأعلى.

16-10-2013

الأحد، 5 يناير 2014

حش ومنازعة

ربما من المواضيع الوراد تناولها في مجالسنا كشباب
هي المواضيع المتعلقة بعلاقاتنا بالآخرين وثقافة النقد خصوصًا

 
،،
بداية لماذا ننتقد الآخرين؟
هناك أسباب حسب ما عرفت يكون لها دور في قدح الرغبة في النقد لدى الأشخاص
ولأكن صادقًا.. قلة قليلة من الذين ينصحون أو (ينقدون) يريدون وجه الله فيما يفعلونه
وربما أكثر منهم بقليل أولئك الذين ينقدون ليحدثوا تغييرًا في الواقع
فبعضهم ينقد لأجل أن يشفى غليله من شخص أساء إليه
وآخر ينقد شخصًا فقط لأنه (ما داش مزاجه)
يبدو أن كثيرين منا يتجهون للنقد .. رغبة منهم بإحداث انتصار داخلي
لاسيما حين ينزل النقد لمستوى احتقار الآخر
الروائي أحمد خالد توفيق ذكر جملة أعجبتني :
 (إن احتقار الآخرين يشعرنا برضا بالغ عن أنفسنا. يشعرنا بأننا قضاة!)
هكذا يكون النقد في كثير من الأحيان .. مجرد إشفاء للغليل ، يشعرنا أن الآخرين دوننا مستوى
نحن أهل الله والجنة .. والآخرون مجرد حشرات أو جهلة لا يفقهون شيئا

 
،،
والكتابة أو الحديث ليسا الوسيلة الوحيدة لنقد الواقع وإظهار عدم موافقتنا عليه
فهو يد أو لسان أو قلب بنص الحديث الشريف .. وقس على الثلاثة ما شاكلها في عصرنا الحديث
قد تكون وسيلة النقد نومًا عند حضور مسرحية أو محاضرة كما أشار لها الأديب الإيرلندي الساخر برناردشو

 
،،
يحدث أن كثير من الأشخاص ينقدونك من ورائك ولا يستطيعون مواجهتك
وأنت بمصادرك قد تصلك رائحة طبخة أناس ينقدونك سرًا قبل إزاحة القدر من النار .. وهذا مفيد أو مدعاة للفتنة حسب سياستك وحسن تصرفك
أحيانًا على النقيض .. تنقد شخصًا أمام رفيق لك بحكم أنه سر دفين  .. وتتفاجأ بعدها أن ذلك الشخص الذي نقدته يظهر لك العداوة لمجرد فضفضة أبديتها لشخص لا يستحق
 المضحك أحيانًا أنك قد تحاول إيصال نقد بطريقة غير مباشرة تجنبًا لصدامات مع الشخصيات المعنية ، لكن ما يعيب هذه الطريقة أن كثيرين من اللامعنيين في القضية يظنون أنهم المقصدون

 
،،
يبقى أننا نقرأ في كتابنا المقدس الذي نتعبد بتلاوته قوله تعالى : (عبس وتولى)
وهو نقد إلهي لشخصية النبي الكريم الذي ارتقى للكمال أكثر من المساكين أمثالنا
ورغم ذلك كان يرد حين يلقى ابن أم مكتوم بكل لطف "أهلا بمن عاتبني فيه ربي"
فقط .. إن كنا غير قادرين على تقبل الآخرين كما هم ، فهذا يلزمنا أن نعاجل بإنهاء حياتنا لئلا نرتكب حماقات لا تنتهي :)


05-01-2014